خلال مؤتمر المطورين WWDC 24، أعلنت ابل عن الإصدارات التالية لجميع أنظمة التشغيل الخاصة بها، وتم كشف النقاب عن Apple Intelligence، الذي يشبه ملعبًا لأدوات الذكاء الاصطناعي على أنظمة iOS 18 و iPadOS 18 و macOS Sequoia، وبعض هذه الميزات مستندة إلى إمكانات نموذج الذكاء الاصطناعي المتطور لشركة OpenAI، بوت ChatGPT، أو بالأصح نموذج GPT-40.
من هذا المنطلق، قد يتبادر إلى ذهنك سؤال في غاية الأهمية، وهو “هل يُمكن استئمان Apple Intelligence على بياناتنا الشخصية؟ أو إلى أي مدى ستكون بياناتك آمنة هذه المرة”؟ قد يتطور هذا السؤال في أذهان مستخدمي ابل على وجه التحديد لأنهم لطالما تمتعوا بمقدار أكبر من الخصوصية على نظام iOS مقارنةً بمستوى الأمان المهترئ على نظام أندرويد.
لسنوات طويلة، أشادت ابل بأهمية بيانات المستخدمين وإصرارها على عدم جمع بياناتهم الشخصية أو استغلالها بأي شكل من الأشكال، في الوقت الذي تكدح فيه شركة جوجل وتفعل كل ما في وسعها لجمع أكبر قدر ممكن من بيانات المستخدمين واستخدامها بعدة أشكال مختلفة.
لماذا أضع ثقتي في Apple Intelligence
ولكن عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، فإن شركة ابل مُضطرة إلى جمع بعض بيانات المستخدمين واستخلاصها من الجهاز. على الرغم من أن الشركة أكدت أن معظم ميزات Apple Intelligence تتم معالجتها على الجهاز، ولكن هناك وقت ما ستكون ابل مُضطرة فيه إلى استخدام السحابة من أجل تنفيذ المهام الأكثر تعقيدًا التي لا يُمكن تنفيذها على الجهاز.
وفي سعيها الدؤوب من أجل الحفاظ على خصوصية المستخدمين بأكبر قدر ممكن، أطلقت ابل نظام معالجة عن بُعد جديد، لقبته الشركة باسم “سحابة الحوسبة الخاصة” أو “Private Cloud Computing”. وقال نائب الرئيس الأول لهندسة البرمجيات بالشركة، كريج فيديرغي، أن هذا النظام الجديد سيسمح لــ Apple Intelligence بتنفيذ مطالبات المستخدم الأكثر تعقيدًا والمهام الثقيلة بخصوصية رائدة.
وقالت فيديريغي أن الشركة تعتقد أنها توصلت للبنية الأكثر أمانًا على الإطلاق المستندة إلى معالجة الذكاء الاصطناعي القائمة على الحوسبة السحابية. إن الهدف من وراء تدوير نظام Private Cloud Computing هو استلام بيانات المستخدمين لتنفيذ لمطالبهم، دون تخزين هذه البيانات وعدم السماح لأي شخص آخر بخلاف المستخدم الأصلي للوصول إليها، بما في ذلك شركة ابل نفسها.
بدى لنا أن شركة ابل واثقة جدًا في حديثها، وعلى ما يبدو أنها صادقة في وعودها، لدرجة أنها قدمت دعوة لجميع الخبراء المستقلين بالتحقق من الكود المصدري الخاص لنظام Private Cloud Commuting التي تستخدمه للحوسبة السحابية. ولكن ربما يزداد الأمر تعقيدًا عندما نبدأ بالحديث عن ChatGPT.
فكما تعلمون، Apple Intelligence يقدم مجموعة من الميزات المستندة إلى قدرات نموذج ChatGPT التابع لشركة OpenAI، والتي لا تتمتع بسمعة طيبة للغاية فيما يتعلق بحماية وأمان بيانات مستخدميها. ربما هذا ما يجعل البعض يشر بالقلق تجاه Apple Intelligence بالمقام الأول، خاصة بعد محاولات OpenAI الأخيرة بحذف بيانات المستخدمين بعد تسريبها على بعض مواقع الويب الخارجية.
بمعنى آخر، استخدامك لميزات Apple Intelligence على نظام iOS 18، يعني أنك قد تحتاج أيضًا لاستخدام ChatGPT، اعتمادًا على نوع الوظائف والمهام التي ترغب في إنجازها. من حسن الحظ، أنه على ما يبدو أن الجزء الأكبر من ميزات الذكاء الاصطناعي بنظام iOS 18 والمستندة إلى ChatGPT هي تلك التي ذات صلة بالمساعد الافتراضي Siri. إن غرض شركة ابل من تكامل Siri مع ChatGPT كان واضحًا من البداية، وهو جعل المساعد الذكي “أكثر ذكاءً” للتفاعل مع مطالبات المستخدمين وفهم سياق حواراتهم بشكل أفضل.
نأتي لجزئية غاية في الأهمية من مؤتمر WWDC 24 عندما بدأت الشركة في الترويج للإصدار الجديد من Siri، عندما قالت أنه قبل أن يبدأ المساعد الافتراضي Siri في استخدام ChatGPT لتنفيذ أوامرك، سيطلب منك أولاً تصريح بالموافقة. نعم، ربما هذا تلميح من شركة ابل إلى أن ChatGPT ليس آمنًا تمامًا، ولا تحاول استخدامه إلا إذا استدعت الضرورة لذلك.
الجزئية الأهم التي نصت عليها اتفاقية شركة ابل مع OpenAI هي أنه ليس من حق ChatGPT تخزين بياناتك أو عناوين IP الخاصة بك. هذا السيناريو في طريقة عمل ChatGPT عبر Siri مختلف تمامًا عن آلية عمل تطبيق ChatGPT على الايفون.
كيف تم تدريب الذكاء الاصطناعي الخاص بشركة ابل
إذا كانت ابل لا تقوم بجمع البيانات الشخصية للمستخدمين، فكيف لها أن تتمكن من تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها؟ ردت ابل على هذا السؤال وقالت أنها لسنوات طويلة كانت تستخدم الذكاء الاصطناعي في أنظمتها الداخلية، ولكن مؤخرًا فقط، قامت بفتح مصادر نماذج اللغة الكبيرة LLMs الخاصة بها لبدء عملية تدريبها على البيانات المُرخصة والمُتّفقً عليها لتعزيز قدرات بعض أدوات الذكاء الاصطناعي. هذا يعني أن الشركة لا تقوم بالزحف على الإنترنت لاستيعاب أكبر قدر ممكن من بيانات المستخدمين مثلما فعلت OpenAI وتم اتهام جوجل بنفس القضية.
تؤكد الشركة أنها لا تحاول جمع البيانات الشخصية للمستخدمين أو استخدامها لتدريب الذكاء الاصطناعي. وأثناء تطوير Apple Intelligence، تم تطبيق مرشحات متقدمة لاستبعاد المعلومات الشخصية من البيانات المستخدمة، بما في ذلك أرقام بطاقات الائتمان ومعلومات التعريف الشخصية وأرقام الضمان الاجتماعي.
الآن فقط، يمكنك استخدام الذكاء الاصطناعي وأنت مطمئن
نعود إلى السؤال الأكثر أهمية وهو هل يمكنك استئمان Apple Intelligence على بياناتك الشخصية؟ في هذه المرحلة، أستطيع أن أقول أنه يمكنك ذلك. فلقد قطعت ابل شوطًا طويلاً مع الذكاء الاصطناعي الآمن بفضل “الحوسبة السحابية الخاصة” أو “Private cloud Computing” وهو نظام أكثر أمانًا يستهدف حماية بيانات المستخدمين.
على الرغم من أن استخدام Siri لتنفيذ بعض المهام التي تستوجب الوصول إلى ChatGPT، إلا أنني أود أن أقول أنه لا يزال من الآمن استخدام ChatGPT لأنه لا يقوم بتخزين بياناتك أو عناوين IP الخاصة بك – فهذا ما اعترفت به شركة ابل.
ومع ذلك، إذا كنت تريد أن تكون في مأمن تام، فيمكنك الانتظار لحين طرح Apple Intelligence في وقت لاحق من العام الجاري بشكل رسمي. حينها فقط، سيبدأ الخبراء المستقلين بتحليل الكود ومعرفة ما إذا كانت وعود ابل صادقة فيما يتعلق بمدى أمان Apple Intelligence. ولكننا متفائلين للغاية ونعتقد أن الأمور ستسير على ما يرام.