آبل والهواتف القابلة للطي، قصة ترددت أصداؤها لسنوات طويلة في كل مكان، ممزوجة بالعديد من التكهنات والتسريبات التي لا تنتهي. ففي الوقت الذي تسيطر فيه هواوي وسامسونج على سوق الأجهزة القابلة للطي لسنوات، قررت آبل التزام الصمت التام، لكن هذا لا يعني أنها لا تنظر إلى نفس السوق بعين ثاقبة. الآن، يتوقع العديد من مراقبو الصناعة أن يُحدث هاتف iPhone Fold ضجة كبيرة في السوق بمجرد إطلاقه، والسبب في ذلك أنه على الرغم من تأخر آبل على الدخول في هذا السوق، إلا إنها التزمت بخطتها المُحكمة، وتصرفت بحكمة شديدة ووعي تام، كإشارة أكيدة على إنها تعرف بالضبط ما الذي تفعله.
انتشرت الشائعات حول هاتف آيفون القابل للطي منذ عام 2022، ولم يكن معروف آنذاك ما إذا كان هذا الهاتف يتبنى تصميم الهواتف التي تنطوي أفقيًا على شكل كتاب أم بهيكل ينطوي عموديًا بشكل مماثل لهواتف Galaxy Z Flip. الآن، تشير جميع التقارير إلى الهاتف القادم باسم iPhone Fold، ولقد تسربت بالفعل الكثير من تفاصيل هذا الجهاز، وهو على وشك الظهور العام القادم.
تناول Mark Gurman – صحفي Bloomberg – هذا الموضوع بشكل موسع في رسالته الإخبارية الأخيرة قبل عطلة نهاية الأسبوع الماضي، متطرقًا إلى خطط آبل بالاعتزام على دخولها إلى هذا السوق قبل نهاية العام القادم. وعلى الرغم من تأخر الهاتف بضع سنوات، إلا إنه يتوقع أن يُحدث ثورة كبيرة في هذا القطاع، ليس بفضل تقنياته الحديثة فحسب، وإنما من خلال التنفيذ القوي والقرارات المدروسة بفطنة بالغة الذكاء.
- اقرأ أيضًا: هاتف iPhone Fold أكثر نحافة مما توقعنا، تاركًا بعض المنافسين في موقف يخجلون فيه من أنفسهم!
تأخر آبل في إطلاق هاتف iPhone Fold ليس بدون سبب

وفقًا لحوار Gurman، فإن آبل لا ترغب في أن تكون العلامة التجارية الرائدة في قطاع الهواتف القابلة للطي، إذ تعتبر الشركة أن هذا القطاع ليس ضروريًا لحركتها التجارية، خاصةً بعد أن استحوذت سامسونج على هذا السوق بشكل لا هوادة فيه خلال السنوات الماضية، ونجحت الشركة الكورية الجنوبية في إدخال العديد من التحسينات على مر السنين، حتى وصلت بالفعل إلى مرحلة مثالية من النضج التكنولوجي، ولعل هاتف Galaxy Z Fold7 خير دليل على ذلك.
أما بالنسبة لشركة آبل، فكانت تدرس جميع الدروس المستفادة من أكثر من منظور مختلف، واستفادت بشكل كبير من الأخطاء التي ارتكبتها سامسونج ونجحت في حلها بعد ذلك. لذلك، لم تعتبر آبل دخولها إلى هذا السوق أمرًا ضروريًا في أي يوم من الأيام، لكنه لا يزال يمثل لحظة استراتيجية في أعمال الشركة إذا نجحت في تحديد الوقت المناسب، وعلى ما يبدو أن هذا الوقت قد حان.
لم تكن آبل الشركة الأولى في تبني التقنيات الحديثة أو فئات المنتجات الجديدة يومًا، ومع ذلك، فهي غالبًا ما كانت ولا تزال الأكثر نجاحًا بمجرد دخولها إلى أي سوق. فلقد جاءت ساعة Apple Watch متأخرة بسنوات عن المنافسة، لكنها الآن الساعة الذكية الرائدة والأكثر شهرة عالميًا، وينطبق الشيء نفسه على سماعات AirPods.
كانت آبل سبّاقة مع أجهزة iPad، لكنها تأخرت مرة أخرى في إطلاق Vision Pro، لكنها تبنت نهجًا واضحًا ومحسوبًا بدقة. ويبدو أن iPhone Fold لن يكون استثناءً، فهو ليس مجرد حل سريع لعدم التخلف عن اللحاق بالركب، وإنما هو جهاز مدروسًا بعناية فائقة ويلبي أفضل معايير الجودة التي تتناسق مع مفهوم آبل الخاص.
ليس مجرد نسخة مُقلّدة من المنافسين

يتوقع Gurman أن يختلف هاتف iPhone Fold عن المنافسين في عدد كبير من النواحِ، إذ تخطط آبل لاستخدام تقنية مفصلة ثورية من تصنيع Fine M-Tec، مُصممة بآلية النقش بالليزر التي تساعد في توزيع الضغط بالتساوي على جميع الأجزاء، مما يؤدي إلى تقليص ظهور تجاعيد الشاشة الداخلية إلى الحد الأدنى.
وإذا ثبتت دقة التقارير، فإن الهاتف يحتوي على شاشة داخلية مقاس 7.8 بوصة، وسيكتفي بشاشة خارجية قطرها 5.5 بوصة. وسيكون الجهاز رشيقًا وخفيف الوزن ورقيقًا من حيث النحافة، إذ يتراوح سُمكه من 4.2 مم إلى 4.5 مم على أقصى تقدير أثناء فتحه بالكامل، في حين سيتراوح سُمكه عند طيه من 9 مم إلى 9.5 مم.
بهذه الأرقام، لن يكون iPhone Fold الهاتف القابل للطي الأكثر نحافة على الإطلاق، لكن لا يزال بإمكانه تحطيم الأرقام القياسية في المجالات الأخرى، ولا سيما في مجال التصوير الفوتوغرافي وإعداد الكاميرا. تدرس آبل حاليًا تجهيز الهاتف بعدسة أمامية، يُشار إليها في التسريبات باسم العدسة المعدنية، بالإضافة إلى كاميرا خلفية مزدوجة. والهدف ليس تقديم مواصفات تقنية فائقة، وإنما جهاز متكامل ومناسب لجميع سيناريوهات الاستخدام اليومية، بجودة تصنيع متميزة وميزات مدروسة بخبرة فائقة، مما يعزز من فُرص التفوق على المنافسين في بعض النواحِ، وإن كان بشكل غير مباشر.
نظام iOS 27 يلعب دورًا حاسمًا في رسم ملامح التجربة القابلة للطي

لا يمثل عتاد هاتف iPhone Fold سوى الجزء الأول من القصة، إذ تسعى آبل لإطلاق العنان لإمكانيات الشاشات القابلة للطي من خلال الميزات البرمجية التي تحاكي تجربة المستخدم على أجهزة iPad ونظارة Vision Pro. من المتوقع أن يشتمل نظام iOS 27 على كم هائل من الميزات المطوّرة خصيصًا للاستفادة من عامل الشكل الجديد للهاتف القابل للطي، مع ميزات إضافية وخيارات موسّعة لتجارب تعدد المهام، مدفوعة أيضًا بالتركيز على تحسين تجارب استخدام التطبيقات على الشاشة الخارجية، وانتقالات ذكية أثناء التبديل بين أوضاع الشاشات.
تعكس جميع هذه التحسينات الاستراتيجية الكلاسيكية المعتادة لشركة آبل لتحقيق الاستفادة القصوى من المنتجات وتسخير التكنولوجيا لاستخراج كامل طاقتها لإحداث فرقًا ملموسًا في تجربة المستخدم اليومية والتميّز بشكل صريح عن المنافسين.
السعر وموعد الطرح

أشارت الشائعات المبكرة إلى تكلفة مرتفعة لهاتف iPhone Fold، بقيمة قد تتجاوز 2499$ دولار أمريكي. لكن في التقارير الأخيرة لمراقبي الصناعة تلميحات إلى أن سعر الهاتف لا يزال داخل نطاق المنافسة، وقد لا يتجاوز 1999$ دولار أمريكي. هذا السعر الأخير متوقع ومن السهل تقبله بشكل أكبر نظرًا لأنه يتكافأ مع نفس قيمة الهواتف القابلة للطي الفاخرة في السوق. بهذا الشكل، يضمن هاتف iPhone Fold الاستمتاع بميزة تنافسية هامة جدًا في بعض الأسواق، ولا سيما السوق الصينية، حيث المكان الذي ازدهرت فيه توجهات المستخدمين نحو الأجهزة القابلة للطي.
أما فيما يتعلق بموعد الإطلاق، ووفقًا للتقارير، فإن هاتف iPhone Fold وصل إلى مرحلة تُعرف داخليًا باسم P1، حيث يتم تجميع مكوناته وتطوير نماذج تجريبية منه قبل أن تعطي آبل الضوء الأخضر للشركاء للبدء في تصنيعه. هذا يعني أنه من المرجح أن يدخل الهاتف مرحلة الإنتاج الكمّي خلال النصف الأول من العام القادم، على أن يكون جاهزًا للانطلاق في وقت ما خلال النصف الثاني من عام 2026.
هاتف iPhone Fold: متأخر نعم، لكن ليس بدون سبب

لسنوات طويلة، اضطر المستخدمون على تحمّل أخطاء الصانعين، في الوقت الذي كانت تراقب فيه آبل الأجزاء عن كثب وتتعلم من الدروس. الآن، يبدو أن عملاق كوبرتينو يعتقد أن الوقت أصبح مناسب لإطلاق جهاز قابل للطي، ربما لا يعد بابتكارات جذرية، لكنه يعالج أخطاء الماضي التي تحمّلها المستهلكون لسنوات مع الهواتف القابلة للطي من الشركات المنافسة.
بفضل البرامج المُطوّرة خصيصًا، وتقنية المفصلة الحديثة لعلاج تجاعيد الشاشة بشكل كبير، لا تضمن آبل مجرد طرح هاتف قابل للطي آخر في السوق، وإنما منتجًا راسخًا قادر على إرساء نفسه داخل النظام البيئي الحالي.




