قد لا تكون شريحة Apple C1 هي الأسرع أو الأقوى أو الأكثر إثارة للإعجاب، ولكنها هي الأفضل على الإطلاق من حيث استهلاك الطاقة، ولإثبات ذلك يتمتع هاتف iPhone 16e بأفضل عمر بطارية على أي جهاز ايفون بنفس الحجم. تعد شريحة Apple C1 أول علامة مرئية على جهود ابل في قطاع تكنولوجيا الاتصالات الخلوية التي استمرت لسنوات من أجل التحرر من قبضة شركة كوالكم التي تهمين على هذا القطاع منذ عقود من الزمن.
بعد الإعلان عن هاتف iPhone 16e، قال رئيس قسم الهندسة والتكنولوجيا بشركة ابل أنه لم يكن الهدف التفوق على المنافسين بأي شكل من الأشكال، وإنما هي الخطوة الأولى التي تمنحنا حق السيطرة والتحكم الكامل على أجهزتنا التي ننتجها ونقدمها إلى السوق.
قد تكون شرائح الاتصالات الخلوية 5G الخاصة بشركة كوالكم أحد أهم مكونات الهواتف الذكية بشكل عام لأنها تسمح بتوفير اتصال 5G موثوق وفائق السرعة. ولكن شريحة Apple C1 الموجودة في هاتف iPhone 16e دليل على نهج الشركة المتمثل في التحكم الكامل على المنتجات وأحد المؤشرات التي تبشر بمنتجات مستقبلية أكثر كفاءة وأكثر تكاملاً بشكل أفضل من أي وقت مضى.
شريحة Apple C1 تعكس نهج شركة ابل المتمثل في فرض سيطرتها على التقنيات الرئيسية بمنتجاتها
لا يخفى على أحد النزاعات القانونية التي دارت بين كل من ابل وكوالكم منذ ما يقرب من خمسة سنوات فيما يتعلق بمشكلات براءات اختراع أجهزة المودم الخلوية. نهاية تلك النزاعات كانت التوصل إلى اتفاق بين الطرفين يُلزم شركة ابل بدفع مليار دولار أمريكي لشراء أجهزة المودم الخاصة بشركة كوالكم.
من الواضح أن موافقة ابل على شروط الخصم كانت فقط من أجل المماطلة إلى أن تتمكن من تصنيع شرائح المودم بنفسها. والآن، بعد سنوات طويلة، حان الوقت أخيرًا لكي تقف ابل في وجه كوالكم وتقول لها “هذا كافي”.
لا يبدو أن عالم الهواتف الذكية متمسك للغاية بشرائح المودم الخاصة بشركة كوالكم، فهناك بالفعل بعض الشركات الأخرى التي تصنع شرائح 5G الخلوية، بما في ذلك MediaTek، سامسونج، Broadcom، هواوي، ومن قبلهم Intel قبل الخروج من هذا المجال. ومع ذلك، لا يُمكن إنكار أن الشركة الوحيدة التي تسطير على النصيب الأكبر من قطاع أعمال تكنولوجيا اتصالات المودم الخلوية هي كوالكم، ولعل الفضل في ذلك يرجع إلى شركة ابل بالمقام الأول لأنها تنتج أكبر قدر ممكن من الهواتف الذكية كل عام.
إن حصة هواتف ايفون التي تنتجها ابل سنويًا تعادل جميع ما تنتجه شركات الأندرويد مجتمعه. إذا أردنا التحدث بالأرقام، فإن الرقم التقريبي لمعدلات إنتاج الايفون قد تصل إلى أكثر من 2 مليار هاتف سنويًا. إنها نسبة كبيرة جداً من الهواتف الذكية الموجودة في السوق. لذا، لك أن تتخيل حجم الاستثمارات الذي تتبادله كل من كوالكم وابل سنويًا لكي تتمكن تلك الأخيرة من استخدام شرائح 5G الخلوية التابعة لشركة كوالكم.
إن شرائح 5G الخاصة بشركة كوالكم جيدة بما يكفِ لكي تستخدمها ابل مع هواتف ايفون. إذًا، قد يتساءل البعض لماذا تقسو ابل على الأخرى طالما كانت تحتاج لخبراتها وراضية عن منتجاتها؟ السبب في ذلك يرجع إلى أن ابل إما تعتقد أن كوالكم لا تستحق المال الذي تتلقاه مقابل براءات الاختراع، أو ربما هي تعتقد أنها تتقاضى عليها مبالغ أكبر بكثير مما تستحقها.
في جميع الأحوال، آبل مُلزمة بالاستمرار في دفع ثمن براءات الاختراع لشركة كوالكم بعد أن توصلوا إلى تسوية القضية ودّيًا خارج المحكمة، هذا حتى تتحرر تمامًا وتتخلص بشكل كامل من كوالكم، حتى وإن كان من المقرر أن يحدث هذا بشكل تدريجي.
شرائح Apple Silicon هي أقرب دليل على استطاعة ابل بالتفوق على المنافسين
في عام 2009، قال الرئيس التنفيذي لشركة آبل، Tim Cock: “من حقنا امتلاك والسيطرة على التقنيات الأساسية التي نستخدمها في جميع منتجاتنا”. إنه بالمناسبة نفس المبدأ الذي تبناه الراحل والمؤسس المشارك للشركة، Steve Jobs.
ما هو أكثر أهمية من ذلك أن هناك تقارير تفيد بأن الشركة تعمل حاليًا على تطوير تقنياتها الخاصة من تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية الأخرى، كشرائح البلوتوث والواي فاي.
من المؤكد تقريبًا أن شركة ابل قادرة على هزيمة كوالكم في قطاع تكنولوجيا الاتصالات، والدليل على ذلك هو ما حدث مع شرائح Apple Silicon عندما توقفت الشركة عن استخدام شرائح شركة Intel وبدون رجعة. لم تكن شرائح Apple Silicon جيدةً بما يكفِ فحسب، وإنما تفوقت على الأخرى في جميع معايير الأداء والكفاءة أيضًا.
لذلك، من الممكن أن تواجه كوالكم نفس المصير الذي واجهته Intel من قبل، ولكن قد لا يحدث هذا الأمر بشكل فوري، إذ تحتاج ابل بعض الوقت للتأكد من تكامل شرائحها وتميزها وتفوقها قبل أن تبدأ في استخدامها على نطاق واسع في جميع أجهزتها الرائدة.