معظم أصدقائي يمتلكوا هواتف أندرويد منذ أكثر من عقد من الزمان. لطالما شعروا ببعض الإغراءات في أجهزة الايفون، لكنها لم تكن كافية أبدًا لإقناعهم بالقفز على العربة. إنه ذكاء ابل “Apple Intelligence” على وجه التحديد الذي جعلهم يفكرون بجدية في التبديل إلى الايفون. ومن هنا يأتي السؤال: كيف ولماذا استطاعت ابل جذب ميول مستخدمي الأندرويد والحصول على رضاءهم التام؟
■ ذكاء ابل المدمج في نظام التشغيل بطريقة ليست لها مثيل
لا يستطيع أن ينكر أحدًا أننا متحمسين جدًا لتجربة ميزات ذكاء ابل، حتى وإن لم نكن من أشد المعجبين بالذكاء الاصطناعي. معظمنا يعتقد أن الذكاء الاصطناعي يشكل خطرًا على الطريقة التي يعيش بها الناس. ولكن الطريقة التي ومستوى التفاصيل التي تشعها شركة ابل في جعل منتجاتها تعمل بشكل جيد لا يًمكنا إنكارها بكل تأكيد وتستحق الثناء والتقدير. فكل ما رأينا حتى الآن من ذكاء ابل يشير إلى مدى تفوق ابل في مجال الذكاء الاصطناعي وكيف استطاعت أن تجعل ذكاء ابل متكامل بشكل جيد وبطريقة لا يُمكن تجاهلها.
دعونا نأخذ بعض المنافسين كشركة سامسونج على سبيل المثال. بكل تأكيد، إن ميزات Galaxy AI تدفع الذكاء الاصطناعي إلى المقدمة على جميع هواتف سامسونج الرائدة، ولكنها لم تكن كافية لجعل الذكاء الاصطناعي محور اهتمام الجميع. هناك بالفعل بعض الميزات المثيرة للإعجاب والمفيدة بشكل خاص، مثل ميزة دائرة البحث للتحديد “Circle to Search”، ولكن دعونا نكون صادقين من أنفسنا، فكم مرة قمت باستخدام هذه الميزة حتى الآن على هاتف؟ مرة؟ مرتين؟ ثلاث مرات؟ أشك في ذلك.
ربما يميل معظمنا إلى الميزات الأخرى الأكثر جاذبية مثل تحرير الصور بالذكاء الاصطناعي. إنها حقًا مفيدة وعملية في الحياة اليومية. ومع ذلك، فهي ليست ضرورية للجميع بشكل خاص.
ما يعتبره المستخدمين أنه حقًا ضروريًا هو مساعد Siri الأكثر ذكاءً والمدعوم بميزات ذكاء ابل الاصطناعي. فمن الرائع أن تتعامل مع مساعد افتراضي قادر على فهم أسئلتك وإدخالاتك، حتى وإن لم تكن واضحة للغاية، حتى وإن تعثرت في نطق بعض الكلمات، حتى وإن واجهت بعض الأخطاء اللغوية. لم يكن مساعد Siri الافتراضي الأكثر ذكاءً السبب الوحيد لإقناع مستخدمي الأندرويد بالتحول إلى الفريق الآخر.
فعند النظر إلى ميزة فرز الإشعارات بالذكاء الاصطناعي، وأدوات مساعدة الكتابة التي يُمكن الوصول لها في أي مكان على النظام بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني، هي ما جعلت من هواتف iPhone 16 محط اهتمام ملايين المستخدمين.
ربما لا يزال أمام ذكاء ابل بعض الوقت للوصول إلى مرحلة الكمال، ولكن يجب الوضع بالاعتبار أنه لن يقف عند نقطة معينة، بل سيستمر في الحصول على العديد من الميزات الثورية التي ستجعل منه الذراع الأيمن في الممارسة العملية واليومية لكافة المستخدمين. لذلك، يجب أن يتطور ذكاء ابل بالتزامن مع تطور خوارزميات الذكاء الاصطناعي نفسها، تمامًا مثلما رأينا مع سامسونج وجوجل.
■ الثقة في تصريحات ابل بشأن أمن وخصوصية بيانات الذكاء الاصطناعي
لطالما ما كانت حماية الخصوصية وأمن بيانات المستخدمين من أهم الأولويات وفوق جميع الاعتبارات بالنسبة لشركة ابل. إنها شركة التكنولوجيا الوحيدة التي تتمتع بسمعة طيبة جدًا فيما يتعلق بأمان وخصوصية بيانات المستخدمين بالمقام الأول. ربما تعاون ابل مع OpenAI لدمج GPT-4 في نظام iOS 18 هو ما أثار مخاوف العديد من المستخدمين لأن الجميع يعرف أن هذه الشركة الأخيرة تعتمد على بيانات الناس لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. لذلك، دمج هذه الشركة في هاتفك الذكي ومنحها وصولاً كاملاً إلى حياتك قد يشكل مصدر قلق خطير بالنسبة لك.
ولكن ابل لم تفعل ذلك. إنها تعتمد على نماذج لغوية هائلة موجودة على الهاتف لمعالجة المطالبات محليًا، مما يعني أن جميع بياناتك خاصة بك أنت وحدك، ولا يتم مشاركتها مع أي طرف ثالث. ولكن عندما تحتاج إلى التعامل مع مهام الذكاء الاصطناعي الأكثر تطلبًا، فسوف يبدأ هاتفك الايفون في طلب المساعدة من خوادم Apple Private Cloud Compute السحابية، وهي لا تخزن أيًا من بياناتك على الإطلاق.
ولإثبات حسن نواياها، قالت ابل أن الباحثين الأمنيين سيتمتعون بالقدرة على التحقق من أمان بيانات الذكاء الاصطناعي التي نستخدمها باستمرار للتأكد مما إذا كانت تصريحاتها صحيحة أم لا.
■ يعد ذكاء ابل تغييرًا لقواعد اللعبة في تعزيز القدرات الإنتاجية
معظم الموظفين بدأوا في العمل من المنزل منذ سنوات، وعلى الرغم من كونها ميزة رائعة في حد ذاتها، إلا إنها تفرض العديد من التحديات في كيف من الممكن الفصل بين الحياة الاجتماعية والمهنية أو الجمع بينهما سويًا في وقت واحد. لذلك، من الممكن أن يتلقى الإنسان يد العون في بعض المواقف من هاتفك الذي لا يفارق يديه. أليس من الرائع أن يتولى هاتفك المسؤولية ويعطي الأولوية إلى المعلومات الأكثر أهمية والتي تستحق الاهتمام والتركيز قبل أي شيء آخر؟
وجدت ابل طريقتها الخاصة لتحقيق هذا الأمر عن طريق منح ذكاء ابل القوة المطلقة لفحص الإشعارات وتلخيصها وتحديد الإشعارات ذات الأهمية وعرضها في المقدمة. على سبيل المثال، يجب أن تعرف أن صديقك في العمل حاول الاتصال بك أكثر من مرة بدلاً من دفع إشعارات الصفقات الجديدة من أمازون.
في نفس الوقت، هناك العديد من المستخدمين الذين يواجهون مشكلات مستعصية في التعامل مع رسائل البريد الإلكتروني الغزيرة كل يوم. ومجرد معرفة أن شركة ابل تقدم بعض الأدوات الذكية في ذكاء ابل التي تستطيع تحديد أولوية رسائل البريد الإلكتروني وتلخيص محتواها ستبقيهم على المسار الصحيح أثناء العمل للتعامل مع الأمور بطريقة احترافية وتسريع سير العمل بشكل لم يسبق له مثيل.
وبالتالي، إذا وصل ذكاء ابل بنفس الطريقة التي نتخيلها الآن، فهو سيجعل هاتف “ايفون” أكثر من مجرد هاتف عادي، بل سيعد أداة مساعدة للحفاظ على تركيزك أثناء العمل والدراسة وتعزيز طاقتك الإنتاجية والتخلص من جميع العوامل التي قد تكون سببًا في تشتي ذهنك وانتباهك.
■ متى تحتاج فعلاً إلى iPhone 16
ربما تمتلك هاتف أندرويد، فلا عيب في ذلك، ولكن ماذا لو كنت تمتلك جهاز كمبيوتر MacBook ؟ إنه أحد أفضل أجهزة الكمبيوتر المحمولة على الإطلاق للدراسة والعمل، وليس من الضروري أن تكون من محبي شركة ابل للاعتراف بهذا. ولا يمكن إنكار طريقة دمج وتغليف الذكاء الاصطناعي في واجهة مستخدم بديهية وبطريقة حيث يسهل للناس فعلاً التقاطها والتعامل معها في حياتهم اليومية.
وإذا نجحت ابل في دمج وتكامل Apple Intelligence بنفس الطريقة التي نتوقعها في هواتف الايفون، فهي ستجعل جميع الناس يستخدمون الذكاء الاصطناعي على هواتفهم كل يوم، حتى وإن لم يكونوا من المتمرسين أو المتخصصين في التكنولوجيا.
ولكن سيعتمد كل هذا بالمقام الأول على جودة دمج الوظائف في مهام العالم الحقيقي. قد يكون بالنسبة لمعظم المستخدمين ذكاء ابل مجرد طريقة سهلة وملائمة لتوليد بعض الرموز التعبيرية المخصصة. ولكن بالنسبة للبعض الآخر، قد يكون ذكاء ابل بمثابة محور أو نواة لحياتهم الرقمية.
الخلاصة
لا أحد يدّعي أن هواتف الأندرويد سيئة، خاصة إذا كنا نتحدث عن إحدى هواتف سامسونج المدعومة بنظام Galaxy AI. ولكن الوعود التي قدمها عملاق التكنولوجيا الأمريكي مع ذكاء ابل تبدو واعدة وعملية بشكل لا هوادة فيه. قد تكون هذه الوعود كافية للتفكير بجدية في الترقية إلى iPhone 16. حتى وإن لم يكن ذكاء ابل قويًا بما يكفي مع نظام iOS 18.1، فسيكون كذلك بالتأكيد عندما يحين إطلاق iPhone 17 العام القادم.