ماذا لو أصبحت ابل الشركة الرائدة عالميًا في مجال تصنيع الهواتف الذكية

ماذا-لو-أصبحت-ابل-الشركة-الرائدة-عالميًا-في-مجال-تصنيع-الهواتف-الذكية

الأمر مُجرد مسألة وقت حتى تصبح ابل الشركة الرائدة عالميًا في مجال تصنيع الهواتف الذكية، المرتبة التي لا يزال عملاق التكنولوجيا الكوري الجنوبي، سامسونج، يحتفظ بها حتى هذه اللحظة. ولكن كيف وصلت هذه الشركات إلى هذا المكانة خلال بضع سنوات، وماذا لو أصبحت ابل الشركة الرائدة عالميًا في تصنيع الهواتف الذكية؟

الهواتف الذكية، تبدو وكأنها أجهزة مستوحاة من روايات وأفلام الخيال العلمي لو كنا نتحدث عنها قبل عقد ونصف من الزمان. الآن، هذه الألواح الزجاجية التي نحتفظ بها بداخل جيوبنا قادرة على فعل أي شيء وكل شيء حرفيًا، من العمل إلى الدراسة وحتى الترفيه. بالنسبة لشركات تصنيع الهواتف، هذه الأجهزة بمثابة ماكينات لصنع الأموال. ولكن عادةً ما تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

لقد شهدت مبيعات الهواتف الذكية انخفاضًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة نتيجة الأزمات الاقتصادية وتباطؤ الاستثمارات التي عصفت بأرباح مُصنّعو الهواتف الذكية في جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم شركة سامسونج. بذلت ابل جهودًا مضنية كي تتجنب تبعيات ومساوئ انخفاض المبيعات خلال العامين الماضيين، مع توقعات بقدرة ابل على تجاوز هذه الأزمة لتصبح الشركة الرائدة عالميًا في مجال تصنيع الهواتف الذكية بعد أن يشهد جهاز الايفون نموًا طفيفًا في وقت لاحق من العام الجاري.

■ ماذا لو أصبحت ابل الشركة الرائدة عالميًا وتفوقت على سامسونج؟

ماذا-لو-أصبحت-ابل-الشركة-الرائدة-عالميًا-في-مجال-تصنيع-الهواتف-الذكية

ولكن لماذا يعتقد الخبراء أن تجاوز ابل لشركة سامسونج سيكون له آثارًا سلبية على الشركة من الناحية الفنية والتجارية؟  لا أحد يستطيع أن ينكر أن المنافسة بين أنواع الهواتف الذكية ساهمت بشكل كبير في نمو كل نظام تشغيل على حدة، في الوقت التي سلكت فيه كل منصة طرقها الخاصة لتنفيذ الميزات الخاصة بها. تحاول ابل أن تُطلق ميزات نظام iOS بطريقة منهجية للغاية، حيث تكون دائمًا في انتظار نضج واجهة المستخدم البرمجية لكل ميزة بصورة تدريجية. بمعنى آخر، ابل ليست متسرعة ولا تستعجل الأحداث قبل أوانها.

من ناحية أخرى، يميل نظام أندرويد إلى تبني الميزات المتطورة قبل المنافس، الأمر الذي عادةً ما يأتي على حساب الأداء واستقرار وظائف النظام. بالرغم من ذلك، ليس هناك أي مؤشرات تدل على توقف الصراع بين المنصتين أو تراجع أحدهما عن خططهما، ومن المتوقع أن يستمر الشد والجذب للنظامين البيئيين خلال السنوات القادمة.

إذا نظرنا إلى العقد ونصف العقد الماضيين، فمن الصعب التفكير في أي مجموعة معينة من الأجهزة التي شهدت تطورًا سريعًا ومزدهرًا مثلما هو الحال مع الهواتف الذكية. لقد حصلت الهواتف الذكية دونًا عن غيرها من الأجهزة الإلكترونية على النصيب الأكبر من الابتكار والإبداع خلال الخمسة عشر عامًا الماضية. لعل السبب الحقيقي وراء نجاح الهواتف الذكية كمنتجات تقنية لا غنى عنها هو احتياج المستهلكين لها واعتمادهم المكثف عليها في حياتهم اليومية وطريقة وصولهم للإنترنت. الأمر الذي ظهرت مآله بوضوح في المنافسة المحتدمة بين شركات التصنيع وقدرتهم على تحقيق مبيعات هائلة.

■ كيف وصلت ابل وسامسونج إلى هذه المكانة؟

ماذا-لو-أصبحت-ابل-الشركة-الرائدة-عالميًا-في-مجال-تصنيع-الهواتف-الذكية

أن تصبح ابل الشركة الرائدة عالميًا في مجال تصنيع الهواتف الذكية أو أن تستمر سامسونج في الحفاظ على هذه المكانة، يعني في كلتا الأحوال أن هاتين الشركتين هما أكثر الشركات التي بذلت قصارى جهدهما وأنفقت الكم الأكبر من الاستثمارات في مجال التصنيع خلال العقد الماضي. والنتيجة ظهرت بوضوح في الميزات المتطورة وإعداد الكاميرات الثورية والتصميمات الجنونية. كل هذا ساهم في زيادة أرباح هذه الشركات، ما دفعها للبحث والتطوير وإنفاق المزيد من الاستثمارات في صناعة أرباحها مضمونة بشكل كبير.

ولكن عندما نتحدث عن جهاز الايفون على وجه التحديد، فإن التغييرات التي طرأت على هذا الجهاز كانت دراماتيكية إلى حد كبير. لقد احتفظ هذا الجهاز برقائق المعالجة الأكثر قوة خلال السنوات الأخيرة، لدرجة أنها تجاوزت في بعض المراحل قدرات المعالجة على منصات سطح المكتب وأجهزة الكمبيوتر المحمولة.

معايير الأداء الأقوى لم تكن الميزة الوحيدة المُستفادة من رقائق المعالجة الحديثة، وإنما الابتكارات الأحدث لهذه الرقائق هي ما ساهمت في تعزيز عمر البطارية الذي يُمكن أن يستمر ليوم بطوله. ولكن ماذا أن أصبحت ابل الشركة الرائدة عالميًا في مجال تصنيع الهواتف الذكية؟ ماذا إن أصبح الايفون هو أفضل هاتف ذكي على الإطلاق من جميع المناحِ؟ كيف ستخطط شركة ابل للاستمرار في تحسين هذا الجهاز؟

■ استغرق الأمر من ابل سنوات لإنتاج معالج M1

apple-beats-samsung

إذا أردت أن تعرف ما هو مستقبل الايفون، يجب أن تنظر في ماضي أجهزة كمبيوتر Mac. انظر بنفسك كيف استمرت شركة ابل في تهميش أجهزة كمبيوتر Mac لسنوات طويلة قبل تطوير معالج M1. لقد عانت أجهزة الكمبيوتر من مشاكل شائعة لا يُمكن نسيانها، بدءًا من لوحة المفاتيح الفراشة الغير جيدة في أي شيء، مرورًا بمشاكل ارتفاع الحرارة بشكل مبالغ فيه دون القيام بأي شيء يستدعي ارتفاع حرارة الجهاز، وحتى التخلص الكارثي من المنافذ الأكثر لتقليل تكاليف التصنيع.

ولكن كل هذا تغير في لحظة بمجرد أن أعلنت ابل عن شرائح Apple Silicon الخاصة بها. هذه الشرائح هي من كانت لها الفضل في إعادة بث روح الحياة من جديد بداخل أجهزة كمبيوتر MacBook Pro التي تحتوي على فتحة microSD للمصورين المحترفين ومنفذ HDMI لبث الصورة على الشاشات الخارجية. ولكن ماذا يعني كل هذا؟

هذا يعني أنه من الممكن أن تصبح شركة ابل كسولة أو مهملة في بعض الأوقات. ولكن الأمر مختلف نسبيًا مع جهاز الايفون، حتى وإن أصبحت ابل الشركة الرائدة عالميًا في مجال الهواتف الذكية وتفوق الايفون على هواتف سامسونج جالكسي. لن يكون هذا التفوق سببًا منطقيًا لتباطؤ عجلة التطوير المنتظمة. السبب في ذلك هو أن الايفون المصدر الأساسي لما وصلت عليه ابل الآن، إنه ماكينة حقيقية لصنع الأموال، ومن الغباء إذا توقفت عجلة تطويره في أي لحظة لأنه قد يضر بشكل كبير بسمعة الشركة ومستقبلها.

■ التركيز على الجودة على حساب الكمية

apple-beats-samsung

سامسونج وابل شركتان قويتان للغاية في سوق تصنيع الأجهزة الإلكترونية، ولكل لكل منهما استراتيجيات مختلفة عن الأخرى. فحتى وإن تفوقت ابل وأصبحت الشركة الرائدة عالميًا، فهل تعتقد أنه من الممكن أن تظل سامسونج ساكنة ومكتوفة الأيدي وتنحدر تدريجيًا أمام تفوق ايفون؟ هذا أمر مستبعد تمامًا.

وبالنظر إلى استراتيجيات سامسونج المنوطة بإطلاق مجموعة متعددة من طرز الهواتف الذكية كل عام، فمن المستبعد أن تفقد هذه الشركة بريقها في هذا المجال. بل في الواقع، ابل تواجه صعوبة في مجاراة سامسونج بفضل تعدد خطوط إنتاج هذا الأخير. ابل من ناحية أخرى، لا تركز على الكمية، بل هي تعطي الأولوية للجودة العالية والنماذج المنتقاة بعناية كبيرة.

سامسونج وحدها ليست المنافس الوحيد لشركة ابل، بل يجب الوضع بالاعتبار شركات التصنيع الأخرى أمثال شاومي وأوبو وهواوي وموتورولا الذين ينتظر كل منهم غلطة واحدة من سامسونج أو ابل للتدرج في المراكز والصعود إلى القمة. على الرغم من أنه من المستبعد أن يتفوق أي من تلك العلامات التجارية على ابل أو سامسونج، ولكن كلما حاولوا الالتزام باللعب على مستوى العالم (إطلاق هواتفهم في جميع البلدان) كلما كانت فرصتهم أكبر في التفوق على ابل وسامسونج، وسيشكلون خطرًا أكبر على عملاق كوبرتينو الأمريكي.

أن تصبح ابل الشركة الرائدة عالميًا في مجال تصنيع الهواتف الذكية يعني مواجهة ابل للمزيد من التدقيق الحكومي وزيادة قيمة الضرائب السنوية. في الوقت الحالي، تستطيع ابل التعامل بشكل سريع مع القضايا التي تتهمها بالممارسات الاحتكارية، ولكن بمجرد أن تبدأ في بيع هواتف أكثر من أي شخص آخر، فأنت تجعل جميع العيون المراقبة متجهة نحوك بصورة متواصلة.